الأنظار العالية في نقض الحكمة المتعالية
لقد وصلت الفلسفة الإسلامية إلى أوج عظمتها من الناحية التحليلية التحقيقية على يد الفيلسوف الكبير المعروف بالسيد الداماد، والملقّب بالمعلّم الثالث، والّذي يُعدُّ خاتم المدرسة العقلية المشّائيَّة في المشرق الإسلامي، هذه المدرسة الّتي وضع أساسها أبو نصر الفارابي، وشيَّدها ابن سينا.
ولقد كان الاتجاه الحاكم على هذه المدرسة العقلية – وحتّى على المدرسة الإشراقية – هو الاتجاه الماهوي، إذ كانت الماهية تشكل غالب موضوعات الأحكام العقلية والمسائل الفلسفية والعلمية. إلى أن وصل الدور إلى تلميذ السيد الداماد المعروف بـ “الملّا صدرا”، والملقّب بين أتباعه بصدر المتألّهين، فقلب الاتّجاه الماهوي في الفلسفة إلى الاتجاه الوجودي، متأثّرا بنزعته العرفانية الشديدة، إذ جعل الوجود محورا لموضوعات مسائله الفلسفية، بدلا من الماهية.
وقد قام بابتكار منهج معرفي فلسفي جديد، قائم على التلفيق بين العقل البرهاني والنقل الديني والكشف العرفاني، واعتبرها جميعا قنوات مستقلة كاشفة عن الواقع، بحيث يؤيد بعضها بعضا.
وقد سمى مدرسته بالحكمة المتعالية، أي المتعالية على الاقتصار على المنهج العقلي المحض في البحث عن الحقيقة، والذي سمَّاه بالمنهج البحثي، ودعا إلى ضرورة الاستمداد المعرفي أيضا من النصوص الدينية والمكاشفات الصوفية العرفانية.
وقد أُطلق فيما بعد على الاتجاه الماهوي الأول مصطلح اتجاه أصالة الماهية، وعلى الاتجاه الوجودي الثاني مصطلح اتجاه أصالة الوجود، وهما يمثّلان معا موضوع هذا البحث.
وبإيجاز:
- موضوع الكتاب: تحقيق مسألة أصالة الماهية أو الوجود بين السيد الداماد وتلميذه الملا صدرا.
- غايته: أول نقد حقيقي وشامل للمباني المعرفية والفلسفية لمدرسة الحكمة المتعالية.
- أهميته: إحياء الفلسفة العقلية البرهانية بديلا عن الفلسفة التلفيقية الأفلاطونية المحدثة، من أجل تحكيم العقل البرهاني في حياتنا الإنسانية.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.