الصحة العقلية

إن هذا الكتاب يسعى للتنبيه إلى أن للعقل الإنساني ـ بوصفه جزءا مهما ورئيسيا من وجود الإنسان ـ قوانينه الطبيعية، ووظائفه الفسيولوجية، كما هو الحال في سائر أعضاء بدن الإنسان، وأن هذه القوانين قد اكتشفها الحكماء منذ قديم الزمان، ودوَّنوها في كتبهم المنطقية تحت عنوان قواعد التفكير الصحيح، لتكون معيارا علميا موضوعيا للصحة العقلية، وأن أي اختلال في هذه القواعد في التفكير يؤدي إلى اختلالات فكرية كثيرة، وبالتالي إلى أمراض معنوية متعددة. وقد انطلق الحكماء من هذه القواعد والأصول العلمية لبناء صرح رؤيتهم الكونية عن الإنسان والعالم، ومبدأ الحياة ومنتهاها، فأصبحت فلسفة الوجود والحياة عندهم واضحة، وأضحت قوانين السلوك والأخلاق لديهم منقحة  ومنسجمة مع الطبيعة الواقعية للإنسان والعالم، وبالتالي أصبح طريق الصحة العقلية والسعادة الحقيقية معبَّدا أمام الإنسان. وقد سعى أعداء الإنسانية منذ قديم الزمان إلى التشكيك في هذه القوانين الطبيعية بشتى السبل السفسطائية، ودعوا الناس إلى التمرد عليها، بغية القضاء على عقولهم، والهيمنة عليهم، وتحقيق مصالحهم غير المشروعة، وقد تسبب ذلك كله في ضياع القانون الفكري، وفقدان الميزان العلمي الموضوعي للصحة العقلية، مما أدى إلى تفش الانحرافات الفكرية، والآراء والفلسفات الشاذة والأجنبية عن الطبيعة الإنسانية، فوقعت البشرية في مستنقع المادية والعقائد الخرافية، ودخلت في نفق مظلم وطويل.

وبإيجاز:

• موضوع الكتاب: هو الصحة العقلية، أو ما يسمي بلسان العصر بالصحة المعنوية أو الفكرية، ومبادئها العلمية، بإزاء الصحة الجسمية والنفسية.
• غايته: تأسيس الطب الفكري بنحو علمي موضوعي كالطب البشري على مستوى الوقاية والعلاج.
• أهميته: نشر الوعي والثقافة العقلية كبعد من أبعاد الصحة الإنسانية العامة، ودعم الرعاية الصحية العقلية عن طريق المراكز الصحية الفكرية، من أجل تحقيق السلامة العقلية للمجتمع الإنساني، اللازم لتحقيق الحضارة الإنسانية الحقيقية.